السبت، 16 يونيو 2012

تسبب منع تامر وشيرين من الغناء في قرطاج في حدوث أزمة كبيرة

تسبب منع تامر وشيرين من الغناء في قرطاج في حدوث أزمة كبيرة

فعلتها كرة القدم ونجحت من قبل في دق إسفين بين مصر والجزائر، ليتبادل شعباهما "الشقيق" العداء، بشكل يفوق العداوة "المستحقة" بين إسرائيل والعرب؛ فهل جاء الدور على الفن ليدق إسفينا مماثلا بين مصر وتونس؟!


الأمر بدأ بتصريح من مهدي مبروك -وزير الثقافة التونسي- بمنع عدد من المطربين اللبنانيين والمصريين؛ مثل: نانسي عجرم، وإليسا، وشيرين عبد الوهاب، وتامر حسني... وغيرهم من الغناء في مهرجان "قرطاج" التونسي، مؤكّدا أنهم لن يغنّوا إلا على "جثته"، لتفجّر تلك التصريحات عاصفة من الجدل الذي لا أراه يبشّر بالخير؛ رغم أن تصريحات الوزير -في وجهة نظر الكثير من "المتدينين"- لها وجاهتها؛ خاصة أن المطربين المذكورين تتميّز كليباتهم وملابسهم فعلا بقدر من العري، ولكن...


ماذا عن تصريحات لوّح بها إيمان البحر درويش -نقيب الموسيقيين المصريين- بأنه سيتخذ موقفا مماثلا تجاه المطربين التونسيين بمنعهم من الغناء في مصر، أُسوة بما فعلته تونس مع مطربين مصريين، مؤكّدا أنه لن يتراجع عن قراره إلا بعد أن يتراجع الوزير التونسي ويعتذر عما بدر منه؟


ماذا عن بيان أصدرته نقابة الفنانين اللبنانيين المحترفين، تستنكر فيه موقف وزير الثقافة التونسي من الفنانين اللبنانيين؟


ماذا عن متعصّبين لفنانينهم أقاموا الدنيا ولم يقعدوها على شبكة الإنترنت بمواقعها ومنتدياتها، ليشمل رد فعلهم الغاضب المطالبة بمقاطعة كل الفنانين التونسيين، في حين سبّ بعضهم الشعب التونسي بأكمله؟


ماذا عن متعصّبين لدينهم سرعان ما طالبوا بتعميم الموقف ومنع الغناء شكلا وموضوعا؟ 


ماذا عن متعصبين آخرين اتهموا الشعب المصري واللبناني بتصدير الفحشاء والعري والإباحية؟


وماذا عن عدو خبيث ماكر يقف قريبا ليتابع ما يفعله الأشقاء ببعضهم، إن لم يكن ينفخ في النيران بتعليقات ساخنة يكتبها هنا وهناك على مواقع ومنتديات شبكة الإنترنت بأسماء مستعارة؟


لقد قرأت البيان الذي أصدرته جبهة "الإبداع المصرية"، وسلّمه القائمون عليها إلى السفير التونسي بمصر، وأعجبتني للغاية فصاحة كلماته الهادئة، ورُقي نبرة العتاب في ثنايا الحوار العقلاني؛ حيث قالت بعض كلماته:
إلى الشعب التونسي العظيم وحكومته.. يُوقن المبدع المصري أن زهر الربيع العربي تفتّح أول ما تفتّح في قلب تونس الحضارة والتاريخ، ولم تكن تلك البداية التونسية إلا محصلة وعي شعب استطاع أن يضع بذرة الثورة في أرضه بأيادي العلم والإيمان والإبداع والذوق الرافض لتشوّهات الاستبداد.


ولقد فاجأنا السيد وزير الثقافة والمحافظة على التراث "مهدي مبروك" بتصريحات حول معايير المشاركة في المهرجان الموسيقى الأعرق بالوطن العربي "قرطاج "، لا يمكن اعتبارها بأي حال من الأحوال إلا خروجا على الروح العامة للحرية التي وهبتها لشعوبنا دماء واجهت الاستبداد.


وإن جبهة "الإبداع المصري" إذ توجّه رسالتها هذه؛ فإنها تؤكّد أن الفن هو الذي استطاع في أحلك فترات الاستبداد والقمع أن يكون هو وسيلة التواصل الشعبي العربي الوحيدة القادرة على أن تجتمع تحتها كل أمتنا في توقيت قرّر فيه المستبدون أن يُفرّقونا، وكان الفنان العربي هو رافع راية (الحلم العربي) في وجه الساعين لقتله، وبالتالي فمن غير المقبول أن يتمّ السعي للانتقاص من رقع تمدده في أيام اتساع دوائر الوعي بفعل الحرية.


وبعد قراءة بعض ما جاء في البيان، أرى أنه على فناني مصر ولبنان وتونس والنقابات الفنية التي تمثّلهم، أن يفتحوا جميعا بابا للحوار الهادئ الراقي، وأن ينتظر الغاضبون من تصريحات وزير الثقافة التونسي والمعترضون على قراره، انطلاق الدورة المقبلة لمهرجان "قرطاج" لمتابعة المطربين المقرّر أن يغنّوا فيه، ونوعية الملابس التي يرتدونها، لنعرف حينها هل الوزير منع مطربين بعينهم ثم وافق على مطربين آخرين يحذون حذوهم في العري والإيحاءات مثل هيفاء وهبي مثلا، أم إن الأسماء البديلة من المطربين ضمّت فنانين اهتموا بالطرب أكثر من العري والإيحاءات مثل وائل جسار وصابر الرباعي وأنغام وأصالة، حتى يتسنّى للجميع الحكم النهائي على وزير الثقافة التونسي، ومعرفة أبعاد الموقف كاملا.


لقد أثبتت الأوضاع السياسية أن الإجابة الصحيحة دائما هي "تونس"، وليس من اللائق أن ينفي الفن ذلك ليجعل من "تونس" إجابة خاطئة تُمهّد لفُرقة جديدة بين العرب!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق